وهذا إنكار على أنفسهم وتأنيب لها على اتخاذهم سخريا في الدنيا.
ثم أكد الله تعالى حدوث هذا التخاصم والتنازع قائلا :
(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) أي إن ذلك الذي حكاه الله عنهم لحق لا بدّ أن يتكلموا به ، أو هذا الذي أخبرناك به يا محمد أمر واقع حتما يوم القيامة ، وهو تخاصم أهل النار فيها ، وما قالته الرؤساء للأتباع ، وما قالته الأتباع لهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
ذكر الله تعالى ألوانا من العذاب في النار للكفار يوم القيامة ، وتلك الألوان أو الأنواع هي ما يأتي :
١ ـ إن مصير الظالمين الكافرين شر مرجع ومآب ومنقلب يصيرون إليه.
٢ ـ إنهم يصلون جهنم ، أي يدخلونها ، وبئس ما مهدوا لأنفسهم ، أو بئس الفراش لهم ، وهو ما تحتهم من النار.
٣ ـ إن شرابهم الحميم والغسّاق ، والحميم : الماء الحار الشديد الحرارة ، والغساق : ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد.
٤ ـ لهم أصناف وألوان أخرى من العذاب كالزمهرير والسموم وأكل الزقوم والصعود والهوي ، إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة المتضادة ، والجميع مما يعذبون به ، ويهانون بسببه.
٥ ـ قال ابن عباس : إن القادة إذا دخلوا النار ، ثم دخل بعدهم الأتباع ، قالت الخزنة للقادة : (هذا فَوْجٌ) يعني الأتباع ، والفوج : الجماعة (مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) أي داخل النار معكم ، فقالت السادة : (لا مَرْحَباً بِهِمْ) أي لا اتسعت منازلهم في النار ، والمراد به الدعاء. فقال القادة أو الملائكة : (إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) كما صليناها.