(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) أي إنا أنزلنا إليك يا محمد القرآن مقترنا بالحق ، أي إن كل ما فيه حق ، من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف الشرعية ، ولم ننزله باطلا لغير شيء.
(فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) فاعبد الله وحده لا شريك له وادع الخلق إلى ذلك ، وأعلمهم أنه لا نصلح العبادة إلا لله وحده ، وأنه ليس له شريك ولا عديل ولا نديد. والإخلاص : أن يقصد العبد بعمله وجه الله سبحانه ، ولا يقصد شيئا آخر. والدين : العبادة والطاعة ، ورأسها توحيد الله ، واعتقاد أنه لا شريك له. ولهذا قال تعالى مؤكدا هذا المعنى :
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) أي ألا لله العبادة والطاعة الخالصة من شوائب الشرك والرياء وغيره. وأما ما سواه من الدين فليس بدين الله الخالص الذي أمر به ، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له. وقوله : (أَلا لِلَّهِ) يفيد الحصر ، أي أن يثبت الحكم في المذكور ، وينتفي عن غيره.
وإذا كان رأس العبادة الإخلاص لله ، فطريق المشركين مذموم ، كما قال تعالى :
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ، ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) أي وأما المشركون الذين والوا غير الله تعالى ، وهي الأصنام التي عبدوها من دونه ، فيقولون : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله تقريبا ، ويشفعوا لنا عنده في حوائجنا.
وهؤلاء عاقبتهم وخيمة كما قال تعالى مهددا لهم :
(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي إن الله يحكم بين أهل الأديان