المناسبة :
بعد بيان إعراض الكفار عن التقوى ، وامتناعهم من الإنفاق ، أبان الله تعالى سبب ذلك وهو إنكارهم للبعث ، واستعجالهم له ، استهزاء به ، ثم أوضح أنه حق لا مرية فيه ، وأنه سيأتيهم الموت بغتة ، وهم في غفلة عنه ، وأن البعث أمر سهل على الله لا يحتاج إلا إلى نفخة واحدة في الصور.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن استبعاد الكفرة لقيام الساعة في قولهم :
(وَيَقُولُونَ : مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)؟ أي ويقول المشركون استعجالا للبعث استهزاء وسخرية وتهكما بالمؤمنين : متى يأتي هذا الوعد بالبعث الذي وعدتمونا به ، وتهددونا به ، إن كنتم صادقين فيما تقولون وتعدون؟!
والخطاب للرسول صلي الله عليه وآله وسلم والمؤمنين الذين دعوهم إلى الإيمان بالله وباليوم الآخر ، فأجابهم الله تعالى :
(ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) أي ما ينتظرون للعذاب والقيامة إلا نفخة واحدة في الصور ، هي نفخة الفزع التي يموت بها جميع أهل الأرض فجأة ، وهم يختصمون فيما بينهم في البيع والشراء ونحوهما من أمور الدنيا أي وهم متشاغلون في شؤون الحياة من معاملة وحديث وطعام وشراب وغير ذلك ، كما قال تعالى : (فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [الأعراف ٧ / ٩٥] وقال سبحانه : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [الزخرف ٤٣ / ٦٦].
وقوله جل وعز : (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) هي النفخة الأولى في الصور ، كما قال عكرمة ، ويؤيده ما رواه ابن جرير عن ابن عمر قال : لينفخنّ في الصور ،