البلاغة :
(مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) استعارة ، شبه حال موتهم بحال نومهم ، أي من بعثنا من موتنا.
(هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) فيه إيجاز بالحذف ، أي تقول لهم الملائكة ذلك ، أي وعدكم به الرحمن.
المفردات اللغوية :
(مَتى هذَا الْوَعْدُ) متى يتحقق ويجيء ما وعدتمونا به وهو وعد البعث (ما يَنْظُرُونَ) ينتظرون (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) هي نفخة إسرافيل الأولى في الصور ، وهي التي يموت بها أهل الأرض جميعا (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) أي تأخذهم الصيحة فجأة في غفلة عنها ، وهم يتخاصمون في معاملاتهم ومتاجرهم وأكلهم وشربهم وغير ذلك.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) أن يوصوا في شيء من أمورهم بما لهم وما عليهم (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) أي لا يستطيعون الرجوع من أسواقهم وأشغالهم إلى منازلهم ، بل يموتون فيها (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) أي نفخ فيه النفخة الثانية للبعث ، وبين النفختين أربعون سنة (فَإِذا هُمْ) المقبورون (مِنَ الْأَجْداثِ) القبور (إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) يخرجون بسرعة ، أو يسرعون.
(قالُوا) أي الكفار منهم (يا وَيْلَنا) يا هلاكنا ، والويل : مصدر لا فعل له من لفظه وهو الهلاك (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)؟ من أخرجنا من موتنا ، لأنهم بسبب ما رأوا من الهول ، وما داهمهم من الفزع ، ظنوا أنهم كانوا نياما (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) أي هذا البعث الذي وعد به الرحمن (وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) أي وصدق فيه الأنبياء المرسلون ، والمعنى : رجعوا إلى أنفسهم ، فاعترفوا أنهم كانوا في الموت وبعثوا ، وأقروا بصدق الرسل يوم لا ينفع التصديق أو الإقرار.
(إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ، فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) أي ما كانت الفعلة إلا النفخة الأخيرة التي نفخها إسرافيل في الصور ، فإذا هم مجموعون عندنا بسرعة بمجرد تلك الصيحة للحساب والجزاء والعقاب. قال البيضاوي : وفي كل ذلك تهوين أمر البعث والحشر ، واستغناؤهما عن الأسباب المألوفة في الدنيا. وتنكير (صَيْحَةً) للتكثير.
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي يقال لهم ذلك ، تصويرا للموعود ، وتمكينا له في النفوس.