العبادة والطاعة لله وحده لا شريك له ، دون أن تكون مشوبة بشائبة الشرك أو الرياء أو غير ذلك. وأمة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم من بعده مأمورة بذلك ، لأن أمر الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أمر للأمة ، والبدء به تعليم وإرشاد وجعله قدوة لأمته.
كذلك أمر الله تعالى رسوله صلي الله عليه وآله وسلم بأن يكون أول المسلمين من هذه الأمة ، وكان ذلك فعلا ، فإنه كان أول من خالف دين آبائه ، وخلع الأصنام وحطمها ، وأسلم لله وآمن به ، ودعا إلى ذلك.
وأمر الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أيضا بأن يخاف عذاب يوم القيامة.
وكل هذه الأوامر تعريض بالمشركين وتعليم وإرشاد للمؤمنين.
٦ ـ قوله تعالى : (فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ) ليس إباحة ولا إذنا وإقرارا لعبادتهم الأصنام ، وإنما هو أمر تهديد ووعيد وتقريع ، كقوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت ٤١ / ٤٠] وقوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) [الأنعام ٦ / ١٣٥].
٧ ـ إن الخسارة الكبرى التي لا تعوض للمشركين والكافرين هي خسارة النفس والأهل يوم القيامة بسبب الضلال عن الدين الحق ، والإضلال للأتباع عن دين الله. قال ابن عباس : ليس من أحد إلا وخلق الله له زوجة في الجنة ، فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله. ومن عمل بطاعة الله ، كان له ذلك المنزل والأهل إلا ما كان له قبل ذلك ، وهو قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ١٠].
٨ ـ للكفار عذاب يحيط بهم من كل جانب في نار جهنم يوم القيامة. وهو عذاب شديد ، لذا خوّف الله به عباده المؤمنين وأولياءه المتقين ، فيا أولياء الله ، اتقوا الله ربّكم من هذا العذاب ، بإخلاص التوحيد والطاعة. وهذا وعيد شديد لعبدة الأصنام.