أو المراد : يمتاز المجرمون بعضهم عن بعض ، فاليهود فرقة ، والنصارى فرقة ، والمجوس فرقة ، والصابئون فرقة ، وعبدة الأوثان فرقة ، والماديون والملحدون فرقة ، وهكذا.
ثم أبان الله تعالى سبب تمييزهم عن غيرهم ، موبخا ومقرعا لهم على كفرهم ، فقال :
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ، إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) أي ألم أوصكم وآمركم وأتقدم إليكم على لسان الرسل يا بني آدم ألا تطيعوا الشيطان فيما يوسوس به إليكم من معصيتي ومخالفة أمري ، فإن الشيطان ظاهر العداوة لكم ، بدءا من أبيكم آدم عليهالسلام.
وبعد النهي عن عبادة غير الله أمر تعالى بعبادته ، فقال :
(وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي وأن وحّدوني وأطيعوني فيما أمرتكم به ، ونهيتكم عنه ، وهذا المأمور به والمنهي عنه هو الطريق المعتدل القويم ، وهو دين الإسلام.
ثم أخبر الله تعالى عن مساعي الشيطان في إضلال السابقين ، فقال :
(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً ، أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)؟ أي لقد أغوى الشيطان خلقا كثيرا ، وزين لهم فعل السيئات ، وصدهم عن طاعة الله وتوحيده ، أفلم تعقلوا عداوة الشيطان لكم ، وتبتعدوا عن مثل ضلالات السابقين ، حتى لا تعذبوا مثلهم.
ثم بيّن الله تعالى مآل أهل الضلال قائلا لهم يوم القيامة تقريعا وتوبيخا :
(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) أي هذه النار التي وعدتم بها في الدنيا وحذرتكم منها على ألسنة الرسل فكذبتموهم ، وقد برزت لهم لإرهابهم.