مَعْلُومٍ) [المرسلات ٧٧ / ٢٠ ـ ٢٢] ، وقال سبحانه : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) [الإنسان ٧٦ / ٢] أي من نطفة من أخلاط متفرقة.
فشأن هذا المخلوق أن يشكر النعمة ، لا أن يطغى ويتجبر ، وينكر البعث والإعادة.
(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ، قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ؟) أي وذكر أمرا عجيبا كالمثل في الغرابة على استبعاد إعادة الله ذي القدرة العظيمة للأجساد والعظام الرميمة ، ونسي نفسه ، وأن الله تعالى خلقه من العدم إلى الوجود ، فأنكر أن الله يحيي العظام البالية ، قائسا قدرة الله على قدرة العبد ، حيث لم يكن ذلك في مقدور البشر.
فأجابه الله تعالى بقوله :
(قُلْ : يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) أي قل أيها الرسول لهذا المشرك المنكر البعث : يحيي الله تلك العظام البالية الذي أبدع خلقها وأوجدها في المرة الأولى من غير شيء من العدم ولم يكن شيئا مذكورا ، وهو لا تخفى عليه خافية من الأشياء ، سواء أكانت مجموعة أم مجزأة مشتتة في أنحاء الأرض ، ولا يخرج عن علمه أي شيء كائنا ما كان ، ولو في أعماق الأرض أو البحر أو أجواف الإنسان أو الحيوان أو اختلط بالتراب والنبات. وقد قال العلماء : إن الذرّة لا تفنى ، وتقرر نظرية (لافوازيه) المعروفة : أنه لا يوجد شيء من العدم ، والموجود لا ينعدم.
ودليل ثان هو :
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ، فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) أي وهو الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء ، حتى صار خضرا نضرا ذا ثمر يانع ، ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا توقد به النار ، ومن قدر على ذلك ، فهو قادر على