وهاتان الخاصتان أو المنفعتان للسّموات ، جاءت آيات كثيرة تقررهما مثل قوله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ ، وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ، وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) [الملك ٦٧ / ٥] ، وقوله عزوجل : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ ، وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ ، إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ، فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) [الحجر ١٥ / ١٦ ـ ١٨].
(وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) أي يرمون بالشّهب من كلّ جهة يقصدون السماء منها ، إذا أرادوا الصعود لاستراق السمع.
(دُحُوراً ، وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) أي يدحرون دحورا ، ويطردون ويمنعون من الوصول إلى ذلك ، ولهم في الآخرة عذاب دائم مستمر موجع ، كما قال تعالى في الآية المتقدمة : (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ).
(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ ، فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) أي إلا من اختطف من الشياطين الخطفة ، وهي الكلمة ، يسمعها من السماء ، فيلقيها إلى الذي تحته ، ويلقيها الآخر إلى من تحته ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ، وربما ألقاها بقدر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب ، فيحرقه ، فيذهب بها الآخر إلى الكاهن ، كما جاء في الحديث.
فخاطف الكلمة العارضة يتبعه الله بنجم مضيء ، أو بشعلة مستنيرة ، فتحرقه ، وربما لا تحرقه ، فيلقي إلى إخوانه الكهان ما خطفه. والخطف : أخذ الشيء بسرعة. والثاقب : المضيء.
والملحوظ الثابت أن الشياطين قبل بعثة نبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم كانت ترمى أحيانا ، وأحيانا لا ترمى ، وبعد البعثة تعرضوا للرمي من كل جانب ، وزيد في حفظ السماء ، فلم يتمكنوا من استراق السمع ، إلا بأن يختطف أحدهم كلمة ، فيتبعه شهاب ثاقب قبل أن ينزل إلى الأرض ، فيلقيها إلى إخوانه ، وبهذا بطلت