وسميت الملائكة بالملإ الأعلى ، لأنهم يسكنون السموات ، وأما الإنس والجنّ فهم الملأ الأسفل ، لأنهم سكان الأرض.
واختلف العلماء على قولين : هل كان هذا القذف قبل المبعث ، أو بعده لأجل المبعث؟ وقد جاءت الأحاديث عن ابن عباس بذلك ، وستذكر في سورة «الجن». ويجمع بينها كما تقدم بأنها كانت ترمى وقتا ، ولا ترمى وقتا ، وترمى من جانب ولا ترمى من جانب ، فصاروا يرمون دائما واصبا من كل جانب.
٣ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) استثناء من قوله : (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) أي لا يسمع الشياطين شيئا مما يوحيه الله تعالى مما يقوله من شرعه وقدره إلا الشيطان الذي خطف الخطفة ، أي اختلس الكلمة على وجه المسارقة.
ومضمون الأحاديث الصحاح في هذا : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء ، لاستراق السمع ، فيقضي الله أمرا من أمور الأرض ، فيتحدث به أهل السماء ، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى ، فيلقيه إلى الذي تحته ، فربما أحرقه شهاب ، وقد ألقى الكلام ، وربما لم يحرقه ، كما بيّنا ، فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان ، فيكذبون معها مائة كذبة ، وتصدق تلك الكلمة ، فيصدّق الجاهلون جميع الكلام ، فلما جاء الله بالإسلام ، حرست السماء بشدة ، فلا يفلت شيطان سمع شيئا. والكواكب الراجمة : هي التي يراها الناس تنقضّ. وليست بالكواكب الجارية في السماء ، لأن هذه لا ترى حركتها ، والراجمة ترى حركتها ، لأنها قريبة منا.