وهم على النقيض من ذلك يسخرون ويستهزئون مما تقول لهم من إثبات البعث ، ومما تريهم من الأدلة والآيات. أو عجبت من قدرة الله على هذه الخلائق العظيمة ، وهم يسخرون منك ومن تعجبك ومما تريهم من آثار قدرة الله ، أو عجبت من إنكارهم البعث وهم يسخرون من أمر البعث.
(وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ) أي وإذا وعظوا بموعظة من مواعظ الله ورسوله ، لا يتعظون ولا ينتفعون بها ، لاستكبارهم وعنادهم وقسوة قلوبهم.
(وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ) أي وإذا شاهدوا دليلا واضحا ، أو معجزة من معجزات الرسول صلي الله عليه وآله وسلم التي ترشدهم إلى التصديق والإيمان ، يبالغون في السخرية والاستهزاء ، ويتنادون للتهكم والتضاحك ، ومشاركة الآخرين في السخرية.
(وَقالُوا : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي وقالوا : ما هذا الذي تأتينا به من الدلائل إلا سحر واضح ظاهر ، فلا يؤبه له ، ولا ننخدع به ، وهو من تراث الأقدمين المشعوذين.
ثم خصصوا إنكارهم بالبعث ، فقالوا :
(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً ، أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)؟ أي إن من أعجب ما تقول : أنبعث أحياء بعد أن متنا ، وصرنا ترابا وعظاما نخرة؟
(أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ)؟ وهل يبعث أيضا آباؤنا وأجدادنا الأقدمون الغابرون الذين مضى على موتهم أحقاب طويلة الأمد؟ فإن بعثهم أشد غرابة.
فأجابهم الله تعالى بقوله :
(قُلْ : نَعَمْ ، وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) أي قل أيها الرسول لهم : نعم ، تبعثون أحياء مرة أخرى ، بعد صيرورتكم ترابا ، وأنتم في هذا الحشر والنشر صاغرون