ونحو الآية قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ ، فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ ، فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، كَذلِكَ النُّشُورُ) [فاطر ٣٥ / ٩].
وظاهر الآية هنا يقتضي أن الماء ينزل من السماء ، والواقع أنه ينزل من السحاب ، وسمي نازلا من السماء ، لأن كل ما سماك أو علاك فهو سماء. وقوله : (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) كما يدل على قدرة الله وحكمته ، فكذلك يدل على قدرته على البعث والقيامة ، ووجه التشبيه أنه يجعلهم أحياء بعد الإماتة ، كهذه الأرض التي أحييت بالنبات الأخضر والثمر اليانع بعد ما كانت ميتة.
٧ ـ كونه خالقا أصناف الأشياء : (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) أي والله هو الذي خلق الأصناف كلها من نبات وزرع وشجر وثمر ، وإنسان وحيوان وغير ذلك مما نعلمه وما لا نعلمه.
٨ ـ خالق وسيلة الركوب من الفلك والأنعام : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) أي والله الذي خلق لكم بالإلهام والتعليم وسيلة الركوب في البحر وهي السفن ، وأوجد واسطة الركوب في البر من الأنعام وهي الإبل ، إذ المعهود أنه لا يركب من الأنعام إلا هي ، والله هو الذي ذلّلها لكم وسخّرها ويسّرها لركوب ظهورها ، وكذا لأكل لحومها وشرب ألبانها والانتفاع بأوبارها ، قال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة : «بينما رجل راكب بقرة إذ قالت له : لم أخلق لهذا ، إنما خلقت للحرث ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : آمنت بذلك أنا وأبو بكر وعمر» (١).
ولا تقتصر وسائل الركوب على السفن والإبل ، فهناك آية أخرى تشمل الدواب والسيارات والقطارات والطائرات ونحوها من وسائل المواصلات الحديثة ، وهي قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً ، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) [النحل ١٦ / ٨].
__________________
(١) ولم يكونا حاضرين حينئذ.