أيها النبي هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره من قومك : من الذي خلق السموات والأرض؟ لأجابوا واعترفوا بأن الخالق لذلك هو الله وحده لا شريك له ، وهو العزيز ، أي الغالب القوي ، إشارة إلى كمال القدرة ، العليم ، أي الواسع العلم ، إشارة إلى كمال العلم.
وكمال القدرة والعلم دليل على أن الموصوف به قادر على خلق جميع الممكنات. ومع هذا فهم يعبدون مع الله إلها آخر من الأصنام والأنداد.
٤ ـ الذي جعل الأرض ممهدة كالفراش : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) أي إنه تعالى الذي جعل لكم الأرض ممهدة كالفراش والبساط ، صالحة للإقامة والاستقرار عليها ، فمع أنها تدور وتتحرك ، فهي ثابتة أرساها الله بالجبال ، لئلا تميد وتضطرب.
٥ ـ وخلق فيها الطرق : (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً ، لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي وأوجد فيها الطرق والمسالك بين الجبال والأودية ، لتهتدوا بسلوكها إلى مقاصدكم ومنافعكم ، وتنتقلوا إلى أرجاء البلاد ، للمتاجرة وطلب الرزق والسياحة وغير ذلك.
٦ ـ منزل الغيث النافع وباعث الناس : (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ ، فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ، كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) أي والله هو الذي أنزل المطر من السماء بقدر الحاجة وحسبما تقتضيه المصلحة للزروع والثمار والشرب ، ولم ينزل عليكم منه فوق حاجتكم ، لئلا يحدث الطوفان والغرق وهدم المنازل وتلف المزارع ، ولا دون الحاجة ، حتى لا يكفي النبات والزرع والناس.
فأحيينا بذلك الماء البلاد الميتة المقفرة التي لا نبات فيها ، فلما جاءها الماء ، اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج. وكما أحيينا الأرض بعد موتها نحيي الأجساد يوم المعاد بعد موتها ، وتبعثون من قبوركم أحياء.