لا شريك له ، وينهى عن عبادة سواه (١) ، قال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [النّحل ١٦ / ٣٦] ، وقال عزوجل : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [الزّخرف ٤٣ / ٤٥].
ونحو الآية : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا : لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا). [الأنعام ٦ / ١٤٨] ، (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) [يس ٣٦ / ٤٧].
فردّ الله تعالى عليهم بقوله :
(ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي ليس لهم أي علم أو دليل بصحة ما قالوه واحتجّوا به ، وما هم إلّا يكذبون فيما قالوا ، ويتقولون ، فإن الله يأمر بالحق والإيمان والخير ، ولا يرضى لعباده الكفر والفحشاء. والآية دليل على جهلهم الفاضح ، وكذبهم وافترائهم الباطل.
ثم أبطل الله تعالى قولهم بالدليل النقلي قائلا :
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) أي أأعطيناهم كتابا من قبل هذا القرآن ينطق بما يدّعون ، مكتوبا فيه : اعبدوا غير الله؟ فهم يتمسكون بذلك الكتاب ، ويحتجون به ، أي ليس الأمر كذلك ، كقوله تعالى : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) [الروم ٣٠ / ٣٥] أي لم يكن ذلك أصلا.
ثم ذكر الله تعالى : أنه لا حجّة لهم إلا التّقليد ، فقال :
(بَلْ قالُوا : إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ ، وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) بل إنهم
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ١٢٥.