الدنيا أو في الآخرة ، وإن أبصرناك الذي وعدناهم به من العذاب قبل موتك ، فنحن قادرون أيضا عليه ، ومتى شئنا عذبناهم. وقد أقر الله عينه في حال حياته ، فقهرهم يوم بدر ، وأصبح المتحكم فيهم ، المالك لحصونهم وقلاعهم.
والتعبير بالوعد دليل على وقوعه حتما ، لأن الله لا يخلف الميعاد.
وبعد هذا الوعد بالنصر ، أمره الله بشدة التمسك بالقرآن وهديه ، فقال :
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ، إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي تمسّك أيها الرسول بالقرآن الموحى به إليك من ربك ، فإنك على طريق قويم ومنهج سليم ، مؤد إلى السعادة في الدنيا ، والنجاة في الآخرة ، وإن كذّب به من كذّب ، فذاك لا يضيرك.
ثم أبان تعالى منزلة القرآن ، فقال :
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) أي وإن القرآن لشرف عظيم لك ولقريش والعرب عامة ، إذ نزل بلغتهم ، وسوف تسألون عن هذا القرآن وكيف عملتم به واستجبتم له وما يلزمهم من القيام بحقه.
ونظير الآية قوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) [الأنبياء ٢١ / ١٠] أي شرفكم ، أخرج البخاري والترمذي عن معاوية رضياللهعنه قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن هذا الأمر في قريش ، لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبّه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين» يعني الخلافة فإنها في قريش لا تكون في غيرهم ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد ومسلم عن جابر : «الناس تبع لقريش في هذا الشأن ، مسلمهم تبع لمسلمهم ، وكافرهم تبع لكافرهم».
وهذا التنويه بمنزلة العرب يجعلهم أولى الناس باتباع القرآن والعمل بأحكامه وشرائعه ، وإن كانت الرسالة الإسلامية عامة للناس قاطبة.