(إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) أي ما عيسى إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) أي جعلناه بإيجاده من غير أب كالمثل السائر في الغرابة ، يستدل به على قدرة الله تعالى على ما يشاء (لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) بدلكم (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) بأن نهلككم ونخلفكم بالملائكة في الأرض. والمعنى : أن حال عيسى عليهالسلام وإن كانت عجيبة ، فالله تعالى قادر على ما هو أعجب من ذلك ، وأن الملائكة مثلكم ذوات ممكنة يحتمل خلقها توليدا ، ويحتمل خلقها إبداعا ، فمن أين لكم استحقاق الألوهية والانتساب إلى الله تعالى؟
(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) أي وإن عيسى أو نزوله لدليل تعلم الساعة بنزوله (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) لا تشكن فيها ، حذف منها نون الرفع للجزم ، وواو الضمير لالتقاء الساكنين (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) يصرفكم عن دين الله (وَاتَّبِعُونِ) واتبعوا شرعي وهداي القائم على التوحيد (هذا) الذي آمركم به (صِراطٌ) طريق (مُسْتَقِيمٌ) يوقم (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ) يمنعنكم عن المتابعة ويصرفكم (عَدُوٌّ مُبِينٌ) بيّن العداوة ثابت عليها.
(بِالْبَيِّناتِ) المعجزات أو بآيات الإنجيل (بِالْحِكْمَةِ) بالإنجيل أو بالشريعة (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) من أمر الدين لا من أمر الدنيا ، فإن الأنبياء لم تبعث لبيانه ، ولذلك قال صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه مسلم عن أنس وعائشة : «أنتم أعلم بأمور دنياكم». (وَأَطِيعُونِ) فيما أبلغكم عنه (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) بيان لما أمرهم بالطاعة فيه ، وهو اعتقاد التوحيد والتعبد بالشرائع (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) إشارة لمجموع الأمرين ، وهو تتمة كلام عيسى عليهالسلام ، أو استئناف من الله يدل على مقتضي الطاعة في ذلك.
(الْأَحْزابُ) الفرق المتحزبة (مِنْ بَيْنِهِمْ) من بين النصارى أو اليهود والنصارى من بين قومه المبعوث هو إليهم في عيسى : أهو الله ، أو ابن الله ، أو ثالث ثلاثة (فَوَيْلٌ) كلمة عذاب أو واد في جهنم (لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) كفروا بما قالوه في عيسى من المتحزبين (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ) الضمير لقريش أو للذين ظلموا (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) أي هل ينظرون إلا إتيان الساعة (بَغْتَةً) فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بوقت مجيئها لاشتغالهم بأمور الدنيا.
سبب النزول : نزول الآية (٥٧):
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) : أخرج أحمد بسند صحيح والطبراني عن ابن عباس : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لقريش : إنه ليس أحد يعبد من دون الله ،