خامسها ـ قوله هنا : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ).
٢ ـ يتعلق المشركون عادة بشبه واهية ، فتراهم يسلكون مسلك الغوغائية ، فيضجون ويصيحون إذا وجدوا شبهة يمكن التعلق بها في الظاهر ، فلو تأمل ابن الزبعرى الآية ما اعترض عليها ، لأنه تعالى قال : (وَما تَعْبُدُونَ) ولم يقل : ومن تعبدون ، وإنما أراد الأصنام ونحوها مما لا يعقل ، ولم يرد المسيح ولا الملائكة ، وإن كانوا معبودين.
٣ ـ يعتمد المشركون على الجدل السوفسطائي الذي يفقد الموضوعية والهدف ، فهو جدل بالباطل ، لذا قالوا : آلهتنا خير أم عيسى؟ وما ضربوا هذا المثل للنبي صلىاللهعليهوسلم إلا بقصد إرادة الجدل غير الهادف ، الذي أريد به الغلبة في الكلام ، لا طلب الفرق بين الحق والباطل.
٤ ـ تمسك القائلون بذم الجدل بهذه الآية : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً ..) والحق التفرقة بين نوعين من الجدل : الجدل لتقرير الحق ، وهذا محمود ، والجدل لتقرير الباطل ، وهذا مذموم ، قال تعالى : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) [غافر ٤٠ / ٤].
٥ ـ إن جميع الأنبياء والرسل صرحوا لأقوامهم أنهم بشر عبيد لله تعالى ، فلا يصح رفع أحد عن المنزلة البشرية كسائر الناس ، وعلى هذا فإن عيسى عليهالسلام ذو طبيعة بشرية ، وليست إلهية كما يزعم النصارى ، وما هو إلا عبد كسائر عبيد الله أنعم الله عليه بالنبوة ، وجعل خلقه من غير أب آية ، وعبرة لبني إسرائيل والنصارى ، يستدل بها على قدرة الله تعالى ، وكان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص والأسقام كلها بإذن الله ، ولم يجعل هذا لغيره في زمانه ، وكان بنو