فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يلي :
١ ـ هدد الله المشركين بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ، وطالب نبيّه بأن ينتظر وجود العذاب بهؤلاء الكفار ، أما في الدنيا فيتعرّضون لظلمة في أبصارهم من شدة الجوع ، لأن النّبي صلىاللهعليهوسلم لما دعا عليهم بقوله : «اللهم اجعل سنيّهم كسنيّ يوسف» ارتفع المطر وأصابت قريشا شدة المجاعة ، حتى أكلوا العظام والكلاب والجيف ، فكان الرجل ، لما به من الجوع يرى ما بينه وبين السماء كالدّخان ، كما قال ابن عباس وغيره.
وأما في الآخرة فينتقم الله منهم يوم البطشة الكبرى ـ يوم القيامة ـ ويدخلهم النار.
ثم إن من علامات القيامة ظهور دخان في العالم ، أي ظلمة بسبب ضعف الطاقة الشمسية في ذلك الوقت ، وذلك يوم عسير وشديد على الكافرين ، وأما المؤمنون فينجيهم من بأس ذلك اليوم ، ويحميهم من شدته.
روى أبو سعيد الخدري مرفوعا : «أنه دخان يهيج بالناس يوم القيامة ، يأخذ المؤمن منه كالزّكمة (الزّكام) وينفخ الكافر حتى يخرج من كلّ مسمع منه». وعن حذيفة أنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أوّل الآيات : الدّخان ، ونزول عيسى ابن مريم ، ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر» وأبين : اسم رجل بنى هذه البلدة ونزل بها.
٢ ـ شأن الكافر وطبيعته اللجوء إلى الله وقت الشّدة والمحنة ، ثم العودة إلى الكفر بعد الفرج وكشف الضّرّ. وهذا ما حدث لمشركي مكة ، فقد روي : أن قريشا أتوا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وقالوا : إن كشف الله عنا هذا العذاب أسلمنا ، ثم نقضوا هذا القول.