٥ ـ أجاب الله دعاء موسى عليهالسلام ، فأمره بأن يسير بمن آمن بالله من بني إسرائيل ليلا قبل الصباح ، فإن فرعون وقومه سيتبعونهم حينما يعلمون بخروجهم.
وسير الليل في الغالب إنما يكون عن خوف إما من العدو ، وإما من خوف المشقة على الدواب والأبدان.
وأمره ربه أيضا أن يترك البحر الذي فتح لهم أثناء العبور بأمر من الله مفتوحا ساكنا على حاله ، لا يضربه بعصاه حتى يعود كما كان ، وذلك استدراج لقوم فرعون ليعبروا فيغرقهم الله بعد أن نجى بني إسرائيل.
٦ ـ دلت آية (كَمْ تَرَكُوا ...) على أنه تعالى أغرق قوم فرعون ، ثم ذكر أنهم تركوا أشياء خمسة : هي الجنات والعيون والزروع والمقام الكريم والنّعمة بالفتح من التنعيم ، أي حسن العيش ونضارته ، أو سعة العيش والراحة.
أما النّعمة بالكسر من الإنعام : فهي إحسان الله وعطاؤه وأفضاله.
وورث تعالى تلك الديار بما فيها من الخيرات لبني إسرائيل ، بعد أن كانوا مستعبدين فيها ، فصاروا لها وارثين ، كوصول الميراث إلى مستحقيه.
٧ ـ لا أسف ولا حزن على إهلاك فرعون وجنوده ، لأنهم لم يعملوا على الأرض عملا صالحا تبكي عليهم السماء والأرض لأجله ، ولا صعد لهم إلى السماء عمل صالح ، فتبكي فقد ذلك.
قال مجاهد : إن السماء والأرض يبكيان على المؤمنين أربعين صباحا. وقال علي وابن عباس رضياللهعنهما في المؤمن : إنه يبكي عليه مصلّاه من الأرض ، ومصعد عمله من السماء. وهذا تعبير كنائي يراد به فقد الأعمال الصالحة. قال الواحدي في البسيط : روى أنس بن مالك أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال فيما رواه أبو يعلى