الأمر كذلك ، أو في موضع النصب على أنها وصف لمصدر محذوف ، تقديره : يفعل بالمتقين فعلا كذلك.
(يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ يَدْعُونَ) : جملة فعلية في موضع نصب على الحال من الهاء والميم في (زَوَّجْناهُمْ) والباء : ليست للتعدية ، لأن (يَدْعُونَ) متعد بنفسه ، وإنما هي للحال ، تقديره : متلبسين بكل فاكهة ، بمنزلة الباء في قولهم : خرج زيد بسلاحه ، أي متلبسا بسلاحه.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) استثناء منقطع ، أي لكن قد ذاقوا الموتة الأولى في الدنيا ، والبصريون يقدرون «إلا» في الاستثناء المنقطع ب «لكن» والكوفيون يقدرونه ب «سوى».
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ فَضْلاً) : إما منصوب على المصدر المؤكد ، وتقديره : ويفضل عليهم فضلا ، أو منصوب بفعل مقدر ، وتقديره : أعطاهم فضلا.
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) الهاء تعود على الكتاب ، وقد تقدم ذكره في أول السورة في قوله تعالى : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ).
المفردات اللغوية :
(فِي مَقامٍ) مجلس أو مكان ، والمقام والمقام بمعنى واحد (أَمِينٍ) يؤمن فيه من كل خوف وهمّ وحزن (جَنَّاتٍ) بساتين (وَعُيُونٍ) ينابيع جارية (سُندُسٍ) ما رقّ من الديباج أو الحرير (إِسْتَبْرَقٍ) ما غلظ منه وهما معرّبان (مُتَقابِلِينَ) في مجالسهم ليستأنس بعضهم ببعض ، فلا ينظر بعضهم إلى قفا بعض لدوران الأسرّة بهم.
(كَذلِكَ) أي الأمر كذلك ، أو آتيناهم مثل ذلك (وَزَوَّجْناهُمْ) قرناهم (بِحُورٍ عِينٍ) بنساء بيض حسان واسعات الأعين (يَدْعُونَ) يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهون من الفواكه وغيرها (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ) أي في الآخرة ، بل يحيون فيها دائما (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) الاستثناء منقطع أو متصل ، والمراد به المبالغة في تعميم النفي وامتناع الموت ، فكأنه قال : لا يذوقون فيها الموت إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى في المستقبل (وَوَقاهُمْ) حماهم وحفظهم ، وقرئ : «ووقيهم».
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) أي أعطوا كل ذلك عطاء وتفضلا منه (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لأنه خلاص عن المكاره وفوز بالمطالب (يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) سهلنا القرآن حيث أنزلناه بلغتك ، لتفهمه العرب منك (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لعلهم يفهمونه فيتعظون به ، فيؤمنون بك (فَارْتَقِبْ) انتظر هلاكهم إذا لم يتذكروا ولم يؤمنوا (إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) منتظرون هلاكك وما يحل بك.