المناسبة :
بعد وعيد الكفار الأشقياء وبيان ما يتعرضون له من أهوال الآخرة ، ذكر تعالى وعده للمتقين الأبرار السعداء وما أعده لهم من جنات النعيم ذات المآكل والمشارب والملابس والزوجات الفائقة ، وأنه نعيم أبدي. ثم أتبعه بختام للسورة يناسب مطلعها وهو الامتنان على العرب بنزول القرآن بلغتهم لّيعملوا بأحكامه ، فإن كذّبوا انتقم الله منهم.
التفسير والبيان :
ذكر الله تعالى في هذه الآيات خمسة أنواع لنعيم الجنان لبيان وعد الأبرار ، وهي :
١ ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أي إن المتقين لله في الدنيا باتقاء الشرك والمعاصي وامتثال الفرائض ، لهم مساكن آمنة من جميع المخاوف ، طيبة المكان والنزهة ، فهي في بساتين غناء وينابيع متدفقة بالماء ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ ، وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) [المطففين ٨٣ / ٢٢ ـ ٢٨].
وهذا في مقابلة ما للكفار من شجرة الزقوم وشرب الحميم.
٢ ـ ٣ : (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ) أي ملابسهم من الحرير الرقيق والغليظ ، ذي البريق واللمعان والجمال الأخّاذ ، وجلوسهم على صفة التقابل بقصد الاستئناس ونظر بعضهم لبعض ، كقوله تعالى : (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الصافات : ٣٧ / ٤٣ ـ ٤٤].