أنزلناه عربيا بلغتك ليتذكروا ويتعظوا ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر ٥٤ / ٢٢].
وبالرغم من هذا الوضوح والبيان ، كفر بعضهم وعاند وخالف ، فسلّى الله رسوله ووعده بالنصر ، وتوعد من كذبه بالهلاك ، فقال :
(فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) أي انتظر أيها النبي ما وعدناك من النصر عليهم وإهلاكهم وما يحل بهم إن استمروا على الكفر ، فإنهم منتظرون ما يحل وما ينزل بك من موت أو غيره ، وسيعلمون لمن يكون النصر والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ، إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة ٥٨ / ٢١] وقال سبحانه : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر ٤٠ / ٥١ ـ ٥٢].
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ يفيض الله على عباده المتقين الأبرار في الجنة أنواع النعم الحسية والمعنوية ، ذكر منها هنا خمسة أنواع تشمل المساكن ، والملابس ، والتقابل في الجلسات واستئناس البعض بالبعض ، والأزواج ، والمآكل الدائمة. قال مجاهد : إنما سميت الحور حورا لأنهن يحار الطرف في حسنهنّ وبياضهن وصفاء لونهنّ.
وهل الحور العين أفضل أو نساء الآدميات؟ اختلفوا في ذلك ، فقال حبّان بن أبي جبلة ـ فيما ذكره ابن المبارك ـ : إن نساء الآدميات من دخل منهن الجنة فضّلن على الحور العين بما عملن في الدنيا. وروى ابن المبارك مرفوعا : إن «الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف».