المفردات اللغوية :
(حم) هذه الحروف للتنبيه على إعجاز القرآن وعلى أهمية ما يتلى بعدها (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ) أي تنزيل القرآن من الله تعالى (الْعَزِيزِ) القوي الغالب في ملكه (الْحَكِيمِ) في صنعه ، لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والمصلحة للعباد.
(إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي إن في خلق السموات والأرض ، بدليل قوله (وَفِي خَلْقِكُمْ لَآياتٍ) لدلائل دالة على قدرة الله ووحدانيته تعالى (لِلْمُؤْمِنِينَ) لأنهم الذين ينتفعون بهذه الدلائل (وَفِي خَلْقِكُمْ) أي في خلق كل واحد منكم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة إلى أن يصبح إنسانا (وَما يَبُثُ) أي وخلق ما ينشر ويفرق في الأرض (مِنْ دابَّةٍ) هي ما يدب على الأرض من الناس وغيرهم (يُوقِنُونَ) يصدقون عن يقين وإذعان بقدرة الله على البعث وغيره.
(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي وفي تعاقبهما (مِنْ رِزْقٍ) مطر يكون سبب الرزق (تَصْرِيفِ الرِّياحِ) تقليبها وتحويلها جنوبا وشمالا ، حارة وباردة (يَعْقِلُونَ) يفكرون ويتدبرون الدليل ، فيؤمنون (تِلْكَ) الآيات المذكورة (آياتُ اللهِ) حججه ودلائله الدالة على وحدانيته (نَتْلُوها) نقصها (بِالْحَقِ) أي متلازمة ملتبسة بالحق الواضح الذي لا غموض فيه ولا التباس (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ) أي بعد حديث الله وهو القرآن ، وتقديم اسم الله للمبالغة والتعظيم ، كقول الله : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [الزمر ٣٩ / ٢٣] (وَآياتِهِ) حججه (يُؤْمِنُونَ) يصدقون ، وهم كفار مكة ، وقرئ «تؤمنون».
قال الصاوي على الجلالين : ذكر الله سبحانه وتعالى من الدلائل ستة في ثلاث آيات ، ختم الأولى ب (لِلْمُؤْمِنِينَ) والثانية ب (يُوقِنُونَ) والثالثة ب (يَعْقِلُونَ) ووجه التغاير بينها في التعبير : أن الإنسان إذا تأمل في السموات والأرض ، وأنه لا بد لهما من صانع آمن ، وإذا نظر في خلق نفسه ونحوها ازداد إيمانا فأيقن ، وإذا نظر في سائر الحوادث كمل عقله واستحكم علمه. وهذا مأخوذ من كلام الزمخشري (١).
وقال البيضاوي : لعل اختلاف الفواصل الثلاث لاختلاف الآيات في الدقة والظهور.
التفسير والبيان :
(حم ، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ حم) : تقدم شرحها
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ١١٢