شهدا ـ عسلا ـ وحين سمع قوله تعالى (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) أي على النار قال : إن كانوا تسعة عشر ، فأنا ألقاهم وحدي.
ثم وصف تعالى كيفية ذلك العذاب المهين ، فقال :
(مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ ، وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً ، وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي إن أمام أولئك الأفاكين جهنم يوم القيامة ، لأنهم متوجهون إليها مثل قوله تعالى : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ، وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) [إبراهيم ١٤ / ١٦] أي من أمامه ، أو إن وراء تعززهم بالدنيا وتكبرهم عن الحق جهنم ، فإنها خلفهم وستدركهم ، ولا يدفع شيئا من العذاب عنهم ما كسبوا في الدنيا من الأولاد والأموال : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران ٣ / ١٠ ، ١١٦] ، ولا ينفعهم أي نفع ، ولا تنفعهم أيضا الأصنام التي اتخذوها آلهة يعبدونها من دون الله ، يرجون منها النفع ، ودفع الضرر ، ولهم عذاب عظيم دائم مؤلم في جهنم التي هي من ورائهم. وكل ما توارى عنك فهو وراء ، تقدّم أو تأخر ، كما ذكر في غرائب القرآن.
وسبب التفرقة بين قوله (لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) وقوله (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أن الوصف الأول يدل على حصول الإهانة مع العذاب ، والوصف الثاني يدل على كونه بالغا أقصى المراتب في كونه ضررا.
ثم وصف الله تعالى القرآن بقوله :
(هذا هُدىً ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ، لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) أي هذا القرآن والآيات المتقدمة في هذه السورة هي هادية إلى الحق ، ومرشدة إلى الصواب ، وموجهة إلى النور من الظلمة والضلال ، والذين كفروا بآيات الله القرآنية لهم أشد العذاب يوم القيامة.
فقوله (هذا هُدىً) أي كامل في كونه هدى ، والرجز : أشد العذاب