٥ ـ تفضيلهم على عالمي زمانهم من الناس ، حيث كثر فيهم الأنبياء ، وجمعوا بين الملك والنبوة ، وأوتوا من المعجزات العامة المادية الباهرة ، كفلق البحر وتظليل الغمام ، والإنجاء من ظلم فرعون وجنوده ، فكانوا أرفع درجة وأعلى منقبة بين الشعوب في عصرهم.
٦ ـ إيتاؤهم الحجج والبراهين والمعجزات والأدلة القاطعة ، والأحكام والمواعظ والشرائع الواضحة في الحلال والحرام.
ومع كل هذا لم يشكروا تلك النعم ، بل اختلفوا في أمر الدين ، كما قال تعالى :
(فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي فما وقع الاختلاف بينهم في أمر الدين إلا بعد العلم بحقيقة الحال ، وبعد قيام الحجة عليهم ، حبا للرئاسة ، وعداوة وحسدا وعنادا ، وبغيا منهم على بعضهم بعضا.
والخلاف في الأشياء يستتبع القضاء ، لذا قال تعالى :
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي إن الله سيفصل بينهم بحكمه العدل يوم القيامة فيما اختلفوا فيه من أمر الدين ، فيجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، ويبيّن المحقّ من المبطل.
وفي هذا تحذير للأمة الإسلامية أن تختلف مثل اختلاف بني إسرائيل ، لذا قال تعالى:
(ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي ثم جعلناك يا محمد على طريقة ومنهاج من أمر الدين يوصلك إلى الحق ، فاتبع ما أوحي إليك من ربك ، واعمل بأحكام شريعتك المؤيدة بالأدلة الواضحة في أمتك ، ولا تتبع ما لا حجة فيه من أهواء الجهال المشركين الذين