الله عنه قال : كان أهل الجاهلية يقولون : إنما يهلكنا الليل والنهار ، فأنزل الله : (وَقالُوا : ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ).
المناسبة :
بعد بيان حجب المشركين عن الوصول إلى الحق والخير ، بسبب كفرهم وعنادهم ، ذكر الله تعالى بعض مفاسد اعتقاداتهم وهي إنكار البعث ، وإنكار الإله القادر ، معتمدين على مجرد الظنون والأوهام والتخمينات ، والتقليد ، مطالبين بإعادة إحياء آبائهم للدلالة على البعث ، وتلك شبهة ضعيفة جدا.
فرد الله عليهم بالتنبيه على ما هو الدليل القاطع في الواقع ونفس الأمر ، وليس مجرد إثبات الإله بقول الإله ، وهو قدرة الله على الإعادة بناء على ثبوت قدرته على الإحياء الأول ، ثم عمم تعالى الدليل ببيان قدرته على جميع الممكنات في السموات والأرض. ثم ذكر تعالى بعض أهوال يوم القيامة من الجثو على الركب بسبب المخاوف ، والاحتكام إلى صحائف الأعمال المسجلة في الدنيا ، والشاهدة على أصحابها.
التفسير والبيان :
(وَقالُوا : ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا ، وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) هذا قول الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب وأمثالهم في إنكار المعاد أو القيامة ، فقال منكر والبعث هؤلاء المشركون : ما الحياة الحاصلة إلا الحياة التي نحن فيها في الدنيا ، فليس ثم دار إلا هذه الدار ، يموت قوم ، ويعيش آخرون ، ولا معاد ولا قيامة ، وليس وراء ذلك حياة. وهذا تكذيب واضح للبعث ، وإنكار صريح للقيامة. وما يميتنا إلا مرور الأيام والليالي ، فمرورها هو المفني والمهلك للأنفس ، أي بالطبيعة. وهذا إنكار بيّن للإله الفاعل المختار.