٢ ـ ليس لهم دليل نقلي أو عقلي على إنكار الآخرة ، فما هم قوم إلا يتكلمون بالظن والتخمين.
قال القرطبي : وكان المشركون أصنافا ، منهم هؤلاء منكر والبعث ، ومنهم من كان يثبت الصانع وينكر البعث ، ومنهم من كان يشك في البعث ولا يقطع بإنكاره. وحدث في الإسلام أقوام ليس يمكنهم إنكار البعث خوفا من المسلمين ، فيتأولون ويرون القيامة موت البدن ، ويرون الثواب والعقاب خيالات تقع للأرواح بزعمهم ، فشرّ هؤلاء أضرّ من شر جميع الكفار ، لأن هؤلاء يلبسون على الحق ، ويغتّر بتلبيسهم الظاهر ، والمشرك المجاهر بشركه يحذره المسلم (١).
٣ ـ إذا قرئت على المشركين آيات الله المنزلة في جواز البعث لم يكن لهم دفع وحجة أو شبهة إلا أن قالوا : ائتوا بآبائنا الموتى نسألهم عن صدق ما تقولون.
فرد الله عليهم بأن الله يحييكم بعد أن كنتم نطفا أمواتا ، ثم يميتكم ، ثم يجمعكم يوم القيامة كما أحياكم في الدنيا ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الله يعيدهم كما بدأهم ، ومن كان قادرا على ذلك ، كان قادرا على الإتيان بآبائهم ، وكان أهون شيء عليه.
وسمي قولهم حجة على سبيل التهكم ، أو لأنه في حسبانهم وتقدير هم حجة ، أو لأنه أسلوب يراد به : ما كان حجتهم إلا ما ليس حجة. والمراد نفي أن تكون لهم حجة أصلا.
٤ ـ ومن أدلته تعالى على قدرته الفائقة وإمكان البعث خلق السموات والأرض وملكها والتصرف بها ، ويوم تقوم القيامة يظهر خسران الكافرين الجاحدين.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٦ / ١٧٢