(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ، فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ ، وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي بل اتخذ هؤلاء الكافرون آلهة يعبدونها من دون الله ، من الأصنام والأوثان ، زاعمين أنهم أعوان لهم ونصراء ، فإن أرادوا وليا ناصرا بحق ، فالله هو الولي الحقيق بأن يتخذوه معينا وناصرا ، لا تنبغي العبادة إلا له وحده ، فإنه الخالق الرازق الضار النافع الناصر لمن أراد ، وهو القادر على إحياء الموتى ، وهو قدير بالغ القدرة على كل شيء مقدور.
أما الأصنام وكل من عدا الله فلا تملك في الحقيقة نفعا ولا ضرا ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً ، لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ، ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج ٢٢ / ٧٣].
ثم بعد هذا النبذ للكفار ، نهى الله تعالى عن منازعتهم في الدين ، فقال :
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ، فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) أي مهما اختلفتم في شيء من جميع أمور الدين والدنيا ، فإن حكمه ومرجعه إلى الله ، فهو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم في الدنيا ، وسوف يفصل فيه يوم القيامة بحكمه ، فيظهر المحق من المبطل. والمقصود أن المؤمنين ممنوعون من الشروع مع الكفار في الخصومات والمنازعات ، كما منع الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يحمل الكفار على الإيمان قهرا.
والآية مثل قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) [النساء ٤ / ٥٩].
ثم أمر الله نبيه أن يقول لهم :
(ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي ذلكم الحاكم بهذا الحكم هو الله ربي ، عليه وحده اعتمدت في جميع أموري ، لا على غيره ، وفوضته في كل شؤوني ، وأرجع إليه تائبا من الذنوب ، لا إلى غيره.