النَّاسُ ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ، وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ، يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) [هود ١١ / ١٠٣ ـ ١٠٥].
ثم أبان الله تعالى مبدأ حرية الإيمان لتسلية رسوله عما يقاسي من كفر قومه ، فقال :
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً ، وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ ، وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي لو أراد الله لجعل الناس جميعا أهل دين واحد ، إما على هدى ، وإما على ضلالة ، ولكن اختلفوا على أديان مختلفة بالمشيئة الأزلية ، وبمقتضى العلم الأزلي بما يختاره الإنسان ، فيكون إما مؤمنا وإما كافرا ، والله تعالى حكيم لا يفعل إلا ما فيه المصلحة ، فمن علم منه اختيار الهدى والدين الحق وهو الإسلام ، هداه ووفقه إليه ، فيدخله بذلك في جنته ، ومن علم منه اختيار الضلال والكفر ، أضلّه ، فيدخله بذلك في السعير ، وهؤلاء هم الظالمون الكافرون المشركون الذين ليس لهم ولي يدفع عنهم العذاب ، ولا نصير ينصرهم يوم الحساب والعقاب.
وهذه الآية تقرير للآية السابقة : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ، اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي ليس في قدرته حملهم على الإيمان ، وإنما القادر على ذلك هو الله تعالى.
والآية أيضا تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عما كان يكابده ويعانيه من كفر قومه وإعراضهم عن دعوته ، وكأنه تعالى يقول له : لا تأس ولا تحزن على عدم إيمانهم ، فالهداية والضلالة تابعتان للمشيئة الإلهية ، فمن سبقت له السعادة فهو السعيد ، ومن سبقت له الشقاوة فهو الشقي. ويكون موضوع الآية مثل آية : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) [الكهف ١٨ / ٦].
لهذا أمر الله نبيه بعدم الاهتمام بهم بسبب وثنيتهم وشركهم ، فقال :