والاستدلال على قدرته بخلق السموات والأرض ، وتصرفه فيهما وانفراده بملك خزائنهما ، وخلق الأزواج ذكورا وإناثا من الناس والأنعام وغيرها.
التفسير والبيان :
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) أي ومثل ذلك الإيحاء إلى الأنبياء السابقين بلغات أقوامهم ، أوحينا إليك قرآنا عربيا ، لتخوف به من عذاب الله وشؤون الدنيا والآخرة أهل مكة (أم القرى) ومن حولها من العرب وسائر الناس ، لأن رسالتك عامة للبشرية قاطبة ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ، بَشِيراً وَنَذِيراً) [سبأ ٣٤ / ٢٨]. وإنما خص أهل مكة ومن حولها ، فلأنهم المخاطبون بالرسالة أولا ليكونوا حملتها إلى الناس جميعا.
وأما تأييد الآية في تنوع الرسالات على وفق لغات الأقوام والأمم ، فهو قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ ، لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [إبراهيم ١٤ / ٤].
(وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ ، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) أي وتنذر به أيضا يوم القيامة الذي تجتمع الخلائق فيه ، وتقترن الأرواح بالأجساد ، والذي لا شك في وقوعه ، ثم إنهم بعد الجمع والحساب يفرّقون فريقين : فريق يدخل الجنة لإيمانه بالله ورسوله وكتابه ، والإحسان عمله في الدنيا ، وفريق آخر يزجّ به في نار جهنم المسعرة على أهلها ، لكفرهم بالله ورسوله وقرآنه.
ونظير الآية قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ، ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) [التغابن ٦٤ / ٩] أي يغبن في الكافر بتركه الإيمان ، والمؤمن بتقصيره في الإحسان وقوله سبحانه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ، ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ