ولي يتولى أمورهم ، ولا نصير يدفع عنهم العذاب. وتغيير الجملة من فعلية إلى اسمية ، للمبالغة في الوعيد.
(أَمِ اتَّخَذُوا) بل اتخذوا ، أي أن (أَمِ) منقطعة بمعنى «بل» للانتقال من كلام إلى كلام أو من معنى إلى معنى ، والهمزة : استفهامية يراد بها الإنكار ، أي ليس المتخذون أولياء (مِنْ دُونِهِ) أي الأصنام ونحوها و (أَوْلِياءَ) نصراء أعوان (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) أي المعين الناصر للمؤمنين ، وهذا جواب شرط محذوف مثل : إن أرادوا وليا بحق ، فالله هو الولي بالحق ، لاولي سواه (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كالتقرير لكونه حقيقا بالولاية.
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) أي ما اختلفتم أنتم والكفار في أمر من أمور الدين أو الدنيا (فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) أي حكمه مردود إلى الله يوم القيامة ، يفصل بينكم بالإثابة والمعاقبة ، أو مفوض إلى الله يميز الحق من المبطل بالنصر في الدنيا (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فوضت في مجامع الأمور ، ورد كيد أعداء الدين (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أرجع في المشكلات وفي كفاية شرهم.
(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خالقهما ومبدعهما لا على مثال سبق (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من جنسكم (أَزْواجاً) نساء (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) أي وخلق للأنعام من جنسها أزواجا ، واقتصر على الأنعام للتغليب على سائر الحيوانات (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) يكثركم ، يقال : ذرأ الله الخلق : كثرهم ، و (فِيهِ) في هذا التدبير وهو جعل الأزواج للناس والأنعام ، وضمير (يَذْرَؤُكُمْ) راجع إلى المخاطبين والأنعام ، مغلبا فيه العقلاء.
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الكاف زائدة ، أي ليس مثله شيء في ذاته وصفاته (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) لكل ما يسمع ويبصر ، أو يقال ويفعل.
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ) مفاتيح خزائنها من المطر والنبات وغيرهما (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) يوسعه لمن يريد امتحانا (وَيَقْدِرُ) يضيقه لمن يريد ابتلاء.
المناسبة :
بعد بيان كون الله هو الرقيب على أحوال المشركين وأعمالهم ، ذكر الله تعالى توجيهات لنبيه والمؤمنين ، وهي إنزال القران بلغة العرب ليفهمه أهل مكة ومن حولها ، وقسمة الناس في الآخرة فريقين : فريق في الجنة وفريق في السعير ، وجعل الإيمان اختياريا غير قسري ولا جبري ، ورد المختلف فيه إلى الله ،