الرابع ـ أنه تعالى أعاد البشارة على سبيل التعظيم ، فقال : (الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) وذلك يدل على غاية العظمة.
٩ ـ إن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يطلب من قومه أي منفعة مادية على تبليغ الرسالة ، وهذا دليل على صدقه وإخلاصه ، والحد الأدنى الذي طالب به هو مراعاة قرابته من قريش. قال ابن عباس : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوسط الناس في قريش ، فليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده ، فقال الله له : (قُلْ : لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي لكن أذكركم قرابتي منكم.
وقد صرح أكثر الأنبياء ، بنفي طلب الأجر على تبليغ الرسالة ، فقال نوح عليهالسلام : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) [الشعراء ٢٦ / ١٠٩] وكذا قال هود وصالح ولوط وشعيب عليهمالسلام (١).
١٠ ـ إن قوله تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يشمل قرابة النبي صلىاللهعليهوسلم من قريش ، وآل بيته الأقارب ، وهم كما جاء في بعض الأحاديث : علي وفاطمة والحسن والحسين ، فمراعاة قرابته وحبهم واحترامهم واجب بالنص القرآني المذكور ، لذا شرع الدعاء لهم في خاتمة التشهد في الصلاة ، وهو منصب عظيم ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد» وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، مما يدل على أن حب آل محمد واجب.
ذكر الزمخشري حديثا طويلا في حب آل البيت جاء فيه : «من مات على حب آل محمد مات شهيدا ، ألا ومن مات على حب آل محمد ، مات مؤمنا مستكمل الإيمان .. ألا ومن مات على بعض آل محمد ، جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله» (٢).
__________________
(١) الشعراء : ١٠٩ ، ١٢٧ ، ١٤٥ ، ١٦٤ ، ١٨٠
(٢) الكشاف : ٣ / ٨٢