٧ ـ من آيات الله تعالى أيضا على قدرته ، ونعمته على العباد ، هذه السفن السائرة في عرض البحر على سطح الماء عند هبوب الرياح ، أو ما حل محلها من الطاقة الدافعة لمحركاتها ، مما صنعه الإنسان بإلهام الله وتعليمه والتمكن من اكتشافه ، وشأن الأجسام الثقيلة الكثيفة الغرق في الماء ، لكنه تعالى جعل للماء قوة لحمل السفن ومنع الغوص ، ثم جعل الرياح سببا لسيرها ، فإذا أراد أن ترسو أسكن الريح.
والله قادر على جعل الرياح ساكنة هادئة ، فتبقى السفن سواكن على ظهر البحر ، وقادر على تعطيل آلاتها وإيقاف محركاتها بأيسر الأشياء ، وهو قادر أيضا على جعل الرياح عواصف فيوبق السفن ، أي يغرق ركابها بذنوبهم ، ويعفو عن كثير من أهلها فلا يغرقهم معها ، وحينئذ يعلم الكفار إذا توسطوا البحر وغشيتهم الرياح من كل مكان أو بقيت السفن رواكد أنه لا ملجأ لهم سوى الله تعالى ، ولا دافع لهم إن أراد الله إهلاكهم فيخلصون له العبادة.
إن في أمر السفن دلالات وعلامات لكل صبار على البلوى ، شكور على النعماء ، قال قطرب : نعم العبد الصبار الشكور ، الذي إذا أعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر. وقال عون بن عبد الله : فكم من منعم عليه غير شاكر. وكم من مبتلى غير صابر.
٨ ـ لا ينبغي التفاخر بمظاهر الدنيا ، فإن كل ما فيها من ثروات وقصور ومبان وآلات ، هو متاع يستمتع به في أيام قليلة تنقضي وتذهب. وما عند الله من الثواب على الطاعة خير وأدوم للذين صدّقوا بالله ووحّدوه ، وتوكلوا على ربهم وفوضوا إليه أمورهم.