لعلمي بقلوبهم فإني عليم خبير» (١).
ذلك ، وقد ذكر «العرش» ب «عرشه» وحدة وعشرين مرة في الذكر الحكيم في تسعة عشر سورة ، وهي كلها تعني عرش الربوبية ، دون مجرد الألوهية ، فقد كان ولا عرش إذ لا خلق يستولي على أمره.
وهذه بين العرش الأول قبل خلق السماوات والأرض حيث (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (١١ : ٧) والعرش الأخير (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) (٣٩ : ٧٥) ـ (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) (٤٠ : ٧) (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (٦٩ : ١٧).
وبينهما سائر عروش الربوبية من عرش الرحمن وهو السيطرة الرحمانية على الخلق أجمع : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٢٠ : ٥) (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٢٥ : ٥٩) ذلك المعبر عنه بعرش التدبير كما هنا في «ثم استوى على العرش يدبر الأمر» وعرش العلم : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ..) (٥٧ : ٤).
فعرش الربوبية في ذلك المثلث مرتكن على علمه المحيط وقدرته الطليقة وقيوميته المطلقة دون أي ندّ ولا شريك ، فكما لا شريك له في ألوهيته وخالقيته ، كذلك في سائر ربوبيته لما خلق.
__________________
(١) المصدر في كتاب التوحيد بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى حديث طويل وفيه : وإن من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفه عنه لئلا يدخله العجب فيفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو صححت جسمه لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلّا بالصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك إني أدبر ...