(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ)(١٥).
آية وحيدة بصيغة التعبير لتقرير مسير أنحس الكافرين ومصيرهم إلى جهنم وبئس المصير : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) طول حياته منذ أعماق ماضية حتى مضيّه عن الحياة ، لحد ركنت إرادة الحياة الدنيا وزينتها وركزت في أركان حياته ، دونما إرادة معها الحياة الآخرة ، فلا أعمال له ولا أحوال ولا أقوال إلّا ما يتبنى الحياة الدنيا وزينتها ، إذا ف (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) توفيه لها إليهم فيها كما يصح ونرضى ، لحد لا ظلم عليه فيها لأعماله لها : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً. وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً. كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (١٧ : ١٨ ـ ٢٠) و (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (٤٢ : ٢٠) وإنما نصيبهم في الدنيا بما عملوا لها (وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) عما يحق لهم بسعيهم على عيهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦).
فهم أولاء الذين لم يعملوا إلّا للحياة الدنيا وزينتها ، هم في ثالوث منحوس من جرّاء أعمالهم وأثقالهم : ف (لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) قرارا فيها دون فرار (وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) إذ لم يصنعوا فيها لدار القرار (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في دار الفرار ، إذ لم يعملوها لدار القرار ، ف (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (١٧ : ٢١).
وتراهم كانت لهم صالحات حتى تحبط وتبطل؟ كلّا ، وإنّما هي الصالحات التي يعملونها للحياة الدنيا وزينتها دون الآخرة وذلك شرط ألا يؤمن بالآخرة ، فإن إرادة الحياة الدنيا وزينتها قد تكون بعمل الدنيا وأخرى