الإيمان بالله والعمل الصالح ، وليست وشيجة الدم والنسب ، ولا الأرض والوطن ، ولا القوم والعشيرة ، ولا اللون واللغة ، ولا الجنس والعنصر ، ولا الحرفة والطبقة أماهيه من وشائج الأرض العريضة الحضيضة ، إنما هي وشيجة الإيمان التي تجتاز فواصل الزمان والمكان وسائر الفواصل ، فتوحّد من خلالها بين مختلف الأفراد.
فحين يقول نوح : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) قاصدا وشيجة النسب يرد عليه ربه (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) ولما ذا؟ ل (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) حيث انقطعت بينكما وشيجة الإيمان (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ)!.
وهذا هو المعلم الواضح البارز على مفترق الطريق بين نظرة الدين الحق إلى الوشائج والروابط ، وبين نظريات الجاهليات على مختلف مبادئها ، ثم معلم آخر في نفس الوشيجة الإيمانية : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
٢ هل إن طوفان نوح (عليه السلام) عم الأرض كلّها بمن عليها من الكفار؟ أم خص أرض دعوته التي كان يدعو فيها؟.
إن قضية الرسالة العالمية لنوح (عليه السلام) هي شمول دعوته كل سكنة الأرض طيلة دعوته كما وظاهر القرآن كالنص يؤيد شمولية هذه الدعوة والغرق ، فقد انتسلت البشرية بعد الطوفان ـ فقط ـ ممن حمل مع نوح في الفلك : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) (١٧ : ٣).
ودعى نوح على كل سكنة الأرض إلّا الذين آمنوا معه : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٧١ : ٢٦) وقد استجابه الله كما دعي : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) (٧١ : ١١ ـ ١٢).
ولا تعني الدعوة الرسولية أن يدعو الرسول بنفسه كافة المرسل إليهم ، بل وبحملة رسالته الذين يوحى إليهم أم هم الربانيون من أمته ، ثم الأرض