وعدم تلحيق (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) ب «ولا ممن آمن بك» يعمم الأهلية لكافة الآهلين للنجاة ، سواء أكانوا من أهله نسبا أم سواهم ف (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) لأنه كان مخالفا له ، وجعل من اتبعه من أهله» (١) وهذا إشارة إلى المستفاد من آية الأنبياء في (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ. وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) (٢١ : ٧٧) ، فلو عني من «أهله» هنا أهل نسبه لشمل زوجه وابنه الكافرين ولم يشمل المؤمنين معه! ، ولا فحسب أنهم كلهم أهله ، بل وهم كلهم ذريته كما (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) (٣٧ : ٣٧) فهم ـ إذا ـ ذرية الحسب وليسوا ـ فقط ـ ذرية النسب وإن شملت المؤمنين منهم.
«فاعلم أنه ليس بين الله عزّ وجلّ وبين أحد قرابة» (٢) ، بل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٤٩ : ١٣) فحسب و (أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) وليست الولادة خيّرة وشرّيرة هي من سعي المواليد.
ذلك ، وقد يستشهد ب (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) نفيا لكون ابن نوح ابنه ، حرمان الولد الكافر عن ميراث الوالدين المؤمنين ، ولكنه ليس سلبا لأصل النسب ، حقيقة ولا تنزيلا طليقا ، وإلا لتسلب عن الكافر كافة أحكام النسب ، إنما المقصود هنا سلب ميّزة النسب الرسالي والإيماني ، أنه لا يلحق والده في النجاة وهي قضية الإيمان.
أجل إن الوشيجة الآهلة لعريق الصلة بين أفراد هي ـ فقط ـ وشيجة
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٦٨ في مجمع البيان روى علي بن مهزيار عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا (عليه السلام) قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن الله تعالى قال لنوح : ..
(٢) المصدر في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي بإسناده إلى إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الدار (عليه السلام) : أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا فاعلم ... ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح (عليه السلام).