الحق ، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة ، وسكر سكر الضلالة ، ومن شاقّ وعرت عليه طرقه ، وأعضل عليه أمره ، وضاق عليه مخرجه ـ
والشك على أربع شعب : على التماري والهول والتردد والاستسلام ، فمن جعل المراء دينا لم يصبح ليله ، ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ، ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين ، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما» (الحكمة ٣٠).
(.. قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) أساحر هو ببليغ قرآنه وفصيح تبيانه؟ والسحر ليس ليبطل العقل أو يعزله ، فإنه جنّة بعواملها ، ولئن كان تأثير بيان في عقلية الإنسان دليلا على أنه سحر ، إذا فالبيان الخاوي عن تأثير هو الحق الواقع موقع القبول ، فلنرفض كل بيان تقبله العقول ، ونفرض ما لا تقبله.
والمروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن من البيان لسحرا» ناح منحى زخرفة البيان الخاوي عن الحق ، حيث يؤثر فيمن لم يكمل عقله بتزويقه وزخارفه ، وحسن معارضه ومطالعه ، حتى يستنزل الإنسان من حال الغضب والمخاشنة إلى حال الرضا والملاينة ، وينزع حمات السخايم ، ويفسخ عقود العزائم ، ويكتح الجامح حتى يرجع ، ويسف بالمحلق حتى ينفع ، ويعود بالخصم الضالع موافقا ، وبالعدو الأبعد مقاربا.
وأما الكلام الخاوي عن زخرفات الكذب ، وزبرجات تعني قلب الحق عن مرامه ، دونما معنى تقبله العقول ، فليس سحرا ، ثم إذا كان خارجا في لفظه ومعناه عما يعرف ممن سوى الله كان آية ربانية.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
إنه ليست الربوبية بالتي تنفصل وتنعزل عن الألوهية ، وحق لها في