والمعبودين من دون الله فطريا وعقليا وشرعيا ، وبكل الآيات الآفاقية والأنفسية ، وقد يعني المضي في : «زيلنا» ذلك التزييل المستمر مهما كان تزييله يوم الحساب أكثر وأوفر إذ لا يبقى أي غشاء وغطاء.
فحين يقول الله (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) الخير والشر على مرتفع باهر ، فقد زيل بين المشركين وشركاءهم ، ولكنهم غطوا على أنفسهم الحق وتورطوا في الباطل ، ثم الله يزيل بينهم تزييلا لا يمكن الغطاء عليه يوم يكشف الغطاء.
وترى أن هنا تضادا بين (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) و (أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) حتى يخرف فيهرف بان الثانية ناسخة للأولى ، ولا نسخ في حقل الحقائق الثابتة؟.
كلّا ، فإنه (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) في كافة النشآت ، ولكنهم تركوا ولايته يوم الدنيا ، فهو لا يعاملهم معاملة المولى يوم الأخرى ، إذا فلا مولى لهم : إذ «اليوم (نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) (٧ : ٥١).
وهكذا يتجلى المشهد الحي في ساحة الحشر بكل حقائقه ورقائقه الدقائق ، وبكل وقائعه ومؤثراته واستجاباته ، تعرضه تلك الكلمات الرفرافة القلة ، فتبلغ أعماق الأنفس ما لا يبلغه مجرد الإخبار كقصّ عما يستقبل.
ومن جولة الحشر وحولته بهولته ، حيث تتساقط الدعاوي الباطلة ويتجلى فيه أن الله هو الحق لا سواه ، وهو المولى لا سواه ، إلى جولة الواقع المعاش ، وكل المشاهد الآفاقية والأنفسية التي يشهدونها ليل نهار :
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ)(٣١).
هنا عرض لجوانب هامة من الربوبية الوحيدة لله تعالى في خماسية رزق السماء والأرض ، وملك السمع والأبصار وإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي وتدبير الأمر كل الأمر في الخلق ، وهؤلاء