وتحجب عن البيان وتزيد في حيرة الحيران ممّا يجب رده إليهم من غير إنكار كما وردت به الأخبار ولعلها إن صحت فإنما وردت لمصالح ومعان يقتضيها الوقت والزمان.
ومنه ما يشتمل على ما يوهم عليه التناقض والتضاد (١) لتخصيص المعنى تارة ببعض الأفراد كأنّه هو المراد ، وتارة بفرد آخر كأنّ غيره لا يراد ، من غير تعرض للجمع والتوفيق ، ولا إتيان بما هو التحقيق وجله يشتمل على ما يوهم اختصاص آيات الرحمة بأشخاص بأعيانهم ، كأنها لا يجاوزهم إلى الغير واختصاص آيات العذاب بأشخاص أخر كأنهم خصوا بأبعد عن الخير من غير تعرض منهم لبيان المراد ، وأن ليس المقصود بهما خصوص الآحاد والأفراد ، كما يعرفه البصير في الدين والخبير بأسرار كلام المعصومين ، كيف ولو كان ذلك كذلك لكان القرآن قليل الفائدة ، يسير الجدوى والعائدة ، حاشاه عن ذلك بل إنّما ورد ذلك على سبيل المثال ، لازاحة الخفاء أو ذكر الفرد الأكمل والأخفى ، أو المنزل فيه أو للاشارة إلى أحد بطون معانيه.
وأمّا في كتب الأخبار ممّا يتعلق بالتفسير فكان مع اشتماله على بعض هذه الامور متفرقاً بحيث يعسر ضبطه وربطه بالآيات ، مع أنّه لم يف بأكثر المهمات ، وبالجملة لم نر إلى الآن في جملة المفسرين مع كثرتهم وكثرة تفاسيرهم من أتى بتصنيف تفسير مهذب صاف واف كاف شاف يشفي العليل ويروي الغليل ، يكون منزهاً عن آراء العوام مستنبطاً من أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، وليس لهذا الأمر الخطير والإتيان بمثل هذا التفسير الا ناقد بصير ، ينظر بنور الله ويؤيده روح القدس ، بإذن الله ليشاهد صدق الحديث وصحته من اشراق نوره ، ويعرف كذبه وضعفه من لحن القول وزوره فيصحح
__________________
(١) وذلك كما ورد في قول الله عزّ وجلّ : «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» تارة بأن المراد بالغيب التوحيد واخرى أن المراد به الأنبياء الماضون ، وأخرى أن المراد به القيامة ، وأخرى أن المراد به القائم (ع) ، واخرى أن المراد به الرجعة إلى غير ذلك وهذه الأخبار توهم التناقض وليست بمتناقضة لأن المراد به الجميع دائماً خرجت على ما اقتضاء الحال وارتضاء السؤال «منه»