وصحّ تميّزه ممن شرح الله صدره للإسلام وقسماً لا يعرفه الا الله وأنبياؤه والراسخون في العلم وإنّما فعل ذلك لئلا يدّعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من علم الكتاب ما لم يجعله لهم وليقودهم الاضطرار إلى الايتمار بمن ولّاه أمرهم فاستكبروا عن طاعته تعزّزاً وافتراءً على الله عزّ وجلّ واغتراراً بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند الله جل اسمه ورسوله.
يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ هؤلاء الراسخون العالمون بالتأويل يقولون آمنّا بالمتشابه كُلٌّ مِنْ المحكم والمتشابه عِنْدِ رَبِّنا من عند الله الحكيم الذي لا يتناقض كلامه وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ مدح للراسخين بجودة الذهن وحسن التدبر وإشارة إلى ما استعدوا به للاهتداء إلى تأويله وهو تجرّد العقل عن غواشي الحس.
في التوحيد والعيّاشيّ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : اعلم ان الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فقالوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فمدح الله عز وجل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً وسمي تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عنه منهم رسوخاً فاقتصر على ذلك ولا تقدّر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال : من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم ثم قال عليه السلام : ان في اخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ومحكماً كمحكم القرآن فردّوا متشابهها إلى محكمها ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا.
(٨) رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا عن نهج الحق إلى اتباع المتشابه بتأويل لا ترتضيه وإنّما أضيف الزيغ إلى الله لأنّه مسبّب عن امتحانه وخذلانه بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا إلى الحق وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً بالتوفيق والمعونة إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ لكل سؤال ، في الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث هشام : يا هشام ان الله قد حكى عن قوم صالحين انهم قالوا رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حين علموا ان القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها انه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد