(١١٧) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ برد شديد أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالكفر والمعصية فَأَهْلَكَتْهُ عقوبة لهم شبه ما أنفقوا في ضياعه بحرث كفّار ضربته برد شديد من سخط الله فاستأصلته ولم يبق لهم فيه منفعة في الدنيا ولا في الآخرة وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ أي المنفقين بضياع نفقاتهم وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ لما لم ينفقوها بحيث يعتدّ بها.
(١١٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً وليجة (١) وهو الذي يعرفه الرجل أسراره ثقةً به شبه ببطانة الثوب كما يشبه بالشعار مِنْ دُونِكُمْ من دون المسلمين لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً لا يقصرون لكم في الفساد وَدُّوا ما عَنِتُّمْ تمنوا عنتكم وهو شدة الضرر قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ أي من كلامهم لأنّهم لا يتمالكون أنفسهم لفرط بغضهم وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ممّا بدا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.
(١١٩) ها أَنْتُمْ أُولاءِ الخاطئون في موالاة الكفّار تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ بجنس الكتاب كُلِّهِ كتابكم وكتابهم وغيرهما والمعنى أنهم لا يحبونكم والحال أنكم تؤمنون بكتابهم أيضاً فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بكتابكم وفيه توبيخ بأنهم في باطنهم أصلب منكم في حقكم وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا نفاقاً وتغريراً وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ تأسّفاً وتحسّراً حيث رأوا ائتلافكم واجتماع كلمتكم ولم يجدوا إلى التشفي سبيلاً قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ دعا عليهم بدوام الغيظ إلى أن يموتوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ من خير أو شر فيعلم غيظهم وحنقهم وأخفى ما يخفونه وهو اما من جملة القول أو مستأنف.
(١٢٠) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ نعمة من الفة أو ظفر على الأعداء تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ محنة من فرقة أو اصابة عدو منكم يَفْرَحُوا بِها بيان لتناهي عداوتهم وَإِنْ تَصْبِرُوا على عداوتهم وَتَتَّقُوا موالاتهم ومخالطتهم لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً
__________________
(١) وليجة الرجل : بطانته ودخلاؤه وخاصته وما يتخذه معتمداً عليه ، والوليجة كل شيء أدخلته في شيء وليس منه والرجل يكون في القوم وليس منهم فهو وليجة فيهم (مجمع)