يفلت ، والماكر يلفت ، مهما طال يومه ولن يطول ، ف (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) :
وترى كيف ينتقم الله من الظالمين ولا يضارونه شيئا ، وليس الانتقام على أية حال الا تشفيا لقلب المنتقم الجريح ، وليس لله قلب ولا يجرح باي جارح؟
ان انتقامه ليس لنفسه تشفيا ام سواه ، وانما للمظلومين المحطومين ، فهو ـ إذا ـ «ذو انتقام» من الظالمين للمظلومين.
ونرى العزة قبل انتقام هنا وفي آياتها الاخرى الثلاث (١) مما يفرّع انتقامه تعالى على عزته ، وقضية عزته عدله ورحمته على علمه وقدرته ، دون ان يطلب بذلك عزا على عزه ، وانما تحقيقا لعزته بين عباده ، وتطبيقا لعدله ورحمته.
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٨).
للأرض بعد الدنيا تبدّلان اثنان ، تبديل التدمير وتبديل التعمير ، ففي قيامة الإماتة : التدمير ، وفي الإحياء : التعمير ، ثم (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ، وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ ..) هنا دليل التعمير ، ففيه (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ) الخربة بقيامتها الاولى (غَيْرَ الْأَرْضِ) غيرا عن حياتها الدنيا ، وآخر عن قيامتها الاولى ، فلا هي عامرة عمارة الدنيا ولا هي خربة خربتها في تدمّرها ، بل هي كما قال الله «بارزة» (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً)
__________________
(١) «اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ» ٣ : ٤ و ٥ : ٩٥ «أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ» (٣٩ : ٣٧).