قد تزول بمكرهم.
(وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) فليس لتزول منه شيء من ساحة الرب المتعال (١) ، لا يتفلت منه عن علمه شيء ، ولا يتلفت اليه منه شيء ، فهم لا يضرون الله شيئا.
(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ)(٤٧).
قد يحسب الحاسبون الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ، ان الله مخلف وعده رسله ، في نصرهم والإنتصار لهم ، لما يرون من تغلب الباطل وتألب الحق : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (٣٧ : ١٧٣) (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٥ : ٥٦).
ولكن (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) في علمه وقدرته وحكمته ، فكيف يخلف وعده رسله ، وهو «ذو انتقام» من الظالمين مهما طال الزمن وتطاولت المحن ف (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).
وإخلاف وعد الرسل قد يكون من مخلّفات الغفلة (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) ام دون غفلة لجهالة ام عجز ام ظلم وخيانة ، وايّ من هذه وتلك لا توجد في ساحة الربوبية (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ).
فما لذلك المكر الذي تزول به الجبال من مجال على اية حال ، تعويقا لتحقيق وعد الله ، أم إخلافا ام أي خلاف ، فليس الله ليدع الظالم
__________________
(١) ف «ان شرطية وصلية مهما تعارك فيها المفسرون والأدباء ، فلا يستقيم لها الا هذا المعنى.