(لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) وبروزا ـ بالأخير ـ لوحدانيته القهارة ، بعد ما اتخذوا له شركاء ، فأحسوا انهم مكشوفون لله لا يسترهم ساتر ولا يقيهم واق من الله إذ ليسوا في دورهم ولا في قبورهم ، بل هم في عراء الساهرة امام الله الواحد القهار.
(وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (١٨ : ٤٧) وذلك بعد تبدلها غير الأرض فانها ليست الآن بارزة بما فيها من مرتفعات ومنخفضات وبنايات ، ولا في قيامة الإماتة فانها مدمّرة ، ولكنها في قيامة الإحياء بارزة ، وهم معها ، (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) (١٤ : ٢١) (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ)(٤٠ : ١٦).
انهم كانوا يرونهم يوم الدنيا بين ارباب متشاكين ام هم أرباب ، ولا قهار واحدا هنا وهناك ، ولكنهم يوم تبدّل الأرض وبروزها (بَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) حيث يتناسى كل قاهر ظاهر او متظاهر ، ويتلاشى كل شيء ، فهنالك يذهب كل ظلم وظلام وظلام عن الأرض ، ولا يرى من آثارهم شيء على الأرض فترى الأرض بارزة وهم بارزون : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٣٩ : ٦٩)(١).
(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ)(٥٠).
التقرين هو جمع الشيء الى نظيره ، فالمجرمون ـ إذا ـ مقرنون الى
__________________
(١) هنا حول تبديل الأرض غير الأرض روايات من طريق الفريقين في مثلث من موافقة الآية ومخالفتها ، وما لا توافقها ولا تخالفها لكلّ حكمه كما فصل في أحاديث العرض.