نظائرهم في الإجرام «في الأصفاد» وهي الأغلال الجامعة بين الايدي والأعناق ، ام هي مطلق السلاسل الجامعة ، فهم مقرّنون الى بعض ، وبالأصفاد : (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) (٢٥ : ١٣).
ذلك هناك وكما كانوا هنا مقرنين الى بعض في اصفاد الإجرامات والشهوات ، قد احتنكهم الشيطان ، لا يتحللون عن أسرهم له بأسرهم وهم في حيوناتهم دائبون.
(سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) أقمصة سوداء منتنة تطلى بموادها الآبال ، يلبسونها لباس المنتن المحرق فانها مادة شديدة القابلية للاحتراق ، وهي في نفس الوقت قذرة منتنة سوداء. (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ) كل وجوههم «النار» فالوجوه الظاهرة تغشاها النار القاهرة ، وكما الوجوه الباطنة وهي أحرى وأنكى : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) (١٠٤ : ٧) فلا يبقى لهم وجه على اي وجه إلا وتغشاه النار ، وكما كانت وجوههم يوم الدنيا بكل اتجاهاتهم الى النار ، فقد «البسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره ، وباب قد اطبق على اهله» (١).
ويا له من مشهد متلظّ مذلّ مخز جزاء الماكر الظالم المستكبر :
(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)(٥١).
«ما كسبت» هنا في موقف المفعولية ل (لِيَجْزِيَ اللهُ) مما يدل على ان العمل هو الجزاء بملكوته الظاهرة يوم الجزاء ، فليس الجزاء انتقام التشفي لله وسبحانه ، بل هو العمل بعينه ، وفي مظهر الحق بأثره (وَلا يُظْلَمُونَ
__________________
(١) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين (ع).