فَتِيلاً) ومثالا على ان الجزاء هو نفس العمل بحقيقته غير الظاهرة يوم الدنيا ، الذرة ، فان فيها نارا خامدة ، وحين تتفجر تظهر ، كذلك الأعمال الشريرة تتفجر يوم القيامة بنيرانها ، والأعمال الخيرة تتفجر بنورها هناك.
وكما المريض بعصيانه دستور الطبيب يشتد مرضه حالا أو بعد حال ، وليس اشتداده جزاء من الطبيب فانه قد لا يعلم بعصيانه ، او يعلم ولا يقدر ان يجعل شدة في مرضه بمشيئته ، فاشتداد المرض هو اثر اتوماتيكي بما جعل الله لذلك العصيان ، كذلك الأعمال خيّرة وشريرة لها آثار غير ظاهرة يوم الدنيا إلّا قليلا ، نورا ام نارا تظهران يوم يقوم الأشهاد.
وما جزاء كل نفس ما كسبت بالذي يعيي ربنا (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) لا سيما وان واقع الحساب هو العمل كما هو واقع الجزاء.
فهنا «ما كسبت» تفسير «ذو انتقام» انه نقمة في نفس الأعمال ، دونما تأثر حتى يتشفى بانتقام.
وفيما إذا سئلنا فما ذا يعني الاستغفار عن الذنوب وغفرها ، إذا كانت العقوبات هي نفس التخلفات؟
فالجواب ان الله الذي كوّن النار على ابراهيم بردا وسلاما ، كذلك يزيل النيران الخامدة في المعاصي التي يغفرها ، والغفر هو الستر.
(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢).
«هذا» المذكور في هذه السورة ، و «هذا» القرآن ككل (بَلاغٌ لِلنَّاسِ) كل الناس ، أعلام جاهر في إعلان باهر ، عالي الصدى ، بعيد المدى ، بلاغا للناس طول الزمان وعرض المكان (بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (٤٦ : ٣٥).