فمن شاء ضلاله شاء الله ومن شاء هداه شاءه الله ، ف «من يشاء» تعم المشيئتين حيث الخلقية منها تتبنى الخالقية (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) و «من يشاء» هنا تعم المشيئتين البشرية والإلهية ، فمن يشاء الضلال شاءه الله ، ومن يشاء الهدى شاءها الله ، والمشيئة البادية الإلهية هي الهادية ، حيث أرسل رسله لها ، وقدم مقدمات صالحة للسالكين فيها.
ثم هو يتبع مشيئات المكلفين تخييرا دون تسيير (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ).
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في إرساله رسله ومشيئته لإضلال من ضل وهدى من اهتدى ، فانها ليست بعزة دون حكمة ، ان يرسل دون حكمة ، او يضل ويهدي دون حكمة.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(٥).
أترى ما هي ايام الله؟ والأيام كلها لله! انها الأيام التي يبرز فيها حكم الله إذ لا حكم فيها الا لله ، سواء فيها ايام الفرح والترح ، وهما قبل الموت ام بعده ، فمما بعده يوم البرزخ ويوم القيامة وكما تعنيهما فيما تعنيه آية الجاثية : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(١٤).
ومما قبله يوم الرجعة وهذه الثلاثة (١) هي الأيام الرئيسية من ايام الله ، ومن ثم ايام الرحمة والعذاب التي يبرزان فيها انهما من الله دون سواه ، فهما
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٥٢٦ عن الخصال عن مثنى الحناط قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : ايام الله يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة ، وروى القمي في تفسيره قال : ايام الله ثلاثة : يوم القائم ويوم الموت ويوم القيامة.