تخف دهشته ، ثم وهذه البشارة يكفي لها منهم واحد ، فلما ذا ذلك الجمع إلّا لخطب غيرها ، مهما كانت هي منها.
(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ)(٦٠).
صحيح ان رسالة العذاب كانت على قوم لوط المجرمين ، ولكن ابراهيم إمام عليه وعلى قومه ، فحفاظا على كرامة القيادة العليا الرسالية ، لا بد وان يخبر أولا ماذا يقصد لقيادة جزئية وهنا بين المستثنى منه والمستثنى مقالة لإبراهيم إذ استوحش من عموم العذاب : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ. قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٢٩ : ٣٢). (قالُوا إِنَّا .. لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) (٥١ : ٣٤) أترى ابراهيم لم يحر كلاما مع ربه بعد ما سمع ذلك الخطب الجلل؟ اجل (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ. إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ. يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) (١١ : ٧٦).
(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا) كأصل في هذه الرسالة مهما حملت لك بشارة (إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) أجرموا وقطعوا ثمار الحياة الانسانية ، حيث قطعوا أنسالهم بما تعودوا من إتيان الرجال (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) وتقطعون السبيل» وهذا من أنحس الإجرام.
«أرسلنا» ، (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ ..) ، (إِلَّا آلَ لُوطٍ) وهم لوط وأهله الآهلون للنجاة من أقارب أم اغارب ، وهم كل من آمن به (إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ) لا لقرابة ونسبة فلذلك (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ)