ثم الاهتداء الظاهر لا يخص اهل البحر كما العلامات لا تخص اهل البر حيث تنجم الهداية بريا وبحريا بالعلامات وبالنجم ، فمن العلامات هي معالم الطرق جبالا وغابات واتلالا وسائر المرتفعات والمنخفضات ، وكذلك الرياح بل والأرياح ، فقد ينقل عن جماعة كانوا يشمون التراب ويتعرفون برائحته الطريق.
والعلامة بوجه عام هي ما يعلم به الشيء المجهول ، خلقية كانت كالتي ذكرت ، ام وضعية ، كما يهتدى باللّاسلكية والرادار أماهيه من وسائل مصطنعة هي كلها من إلقاءات الله في الأرض ولإنسان الأرض ، وعلينا ان نستعلم علامات الله على ضوء تقدم العقل والعلم ، علامات مادية كذريعة لأخرى روحية هي أحرى بالاستعلام لما ألقى لنا الملك العلام.
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(١٧).
هذه من الآيات التي تحصر الخلق ـ أيا كان ـ بالله ، وتحسره عمن سوى الله مهما نسب اليه خلق ك ـ «إذ تخلق ..» في المسيح فانه يلحق «بإذني» فهو الخالق حقا والمسيح مجرى ظاهري له تثبيتا لرباطه الرسالي بالله ، تدليلا من الخلق وهو فعله تعالى الخاص به ، على ان الآتي به مخصوص بكرامة الرسالة الإلهية.
إذا فلا ولاية تكوينية للمعصومين ـ أيا كانوا ـ منفصلة عن اذن الله ، مخوّلة إليهم من الله ، كما تدلنا على ذلك صارحة الآيات في المعجزات انها من افعال الله ، صادرة باذنه وارادته : (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ ..) (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (٦ : ٥٧).
__________________
ـ اهل البحر والبر لأنه لا يزول ، أقول : هذا هو الظاهر ، والباطن ما تقدم من تفسيره برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة عليهم السلام.