الإشراك به ثم الى توحيد العبادة لغير الله ، غير متلفتين إليه إلّا هيه! إنّ الايمان بالآخرة هو من فروع التوحيد الصحيح ، فهؤلاء يتذرعون باشراكهم نكرانهم ليوم الدين ، لا لريب في آيات التوحيد ، وانما استكبارا كامنا في قلوبهم ، يجعلهم ناكرين للتوحيد والآخرة.
(لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)(٢٣).
هؤلاء الحماقى قد يعلنون انهم في ريب من وحدة الإله ، لذلك فهم يشركون ، وبالآخرة هم لا يؤمنون ، ولكنهم يسرون النفرة العميقة عن الخضوع للحق والخنوع للواحد المطلق ، والشغف الحالق بالتقاليد الجاهلة القاحلة العمياء ، و «لا جرم» قطعيا دونما تفلّت منهم او تلفّت عنهم (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) يعلم ويعلن وعلى الأثر يجازي ل (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عليه وعلى الحقائق الناصعة الواضحة ، المفترين على وحي الله أنه أساطير الأولين.
فالمتكبر ـ في صيغة سائغة فائقة ـ على حد المروي عن الرسول (ص) من بطر الحق أو سفهه أو جهله ويغمص الناس اعمالهم فلا يرى أحدا أفضل منه ويغمص الحق فيجاوزه الى غيره (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١١٤ ـ اخرج عن جماعات كثيرة عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هذه التعقيبات تعريفا بالمستكبرين ومنها ما أخرجوه عن قتادة انه قال ذكر لنا ان رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا نبي الله انه ليعجبه الجمال حتى يود ان علاقة سوطه وقبالة نعله حسن فهل ترهب عليّ الكبر؟ فقال نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : كيف تجد قلبك؟ قال : أجده عارفا للحق مطمئنا اليه قال : فليس ذاك بالكبر ولكن الكبر ان تبصر الحق وتغمص الناس فلا ترى أحدا أفضل منك وتغمص الحق فتجاوزه الى غيره ، وفي نور الثقلين ٣ : ٥٦ عن روضة الكافي بسند متصل عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال : ومن ذهب يرى ان له على ـ